متقلباً في رغد الحيـاة يعيش مترفاً.. يقطف من مروجها ما يحلو له
من ألوان ورود .. ويسكب الشهد حلوا في خلايا السطور ..
تتراقص الصفحات في طيات فكره ، ويغدق عليها من أنفاس الفرح
فتنتشي جذلاً ..
أو هائماً على وجهه يبحث عن خيالات مضت .. يصطاد الذكريات من
بحور الذاكرة .. ويعود متعباً بغنيمة من لحن شجن .. فينشد لحناً
حزيناً عذباً .. يغرق السطور .. في حبر الدموع ..
وهو في أوج سطوته .. ملك متقلد تاج الشجاعة على عرش
الحقيقة ، في مملكة التاريخ ..
ليسطر أعاجيب السطور .. ويحكم بعدل بين الحروف..
فلا يسقط حرف تحت السطر إلا بحقّ ، ولا توضع نقطة إلا في
مكانها ..
وقد يكون بحّـاراً ماهراً يمخر عباب البحر ، يغنّي مع أمواجه أغنيات
عذبة.. ويسافر إلى الأرواح ..
يقرؤها في كل خطرة ، وكل لمحة ، وكل بسمة ..حتى يعود بصيد
وفير من لؤلؤ ومرجان .. يصنع منها حليّ العبارة .. ويهديها إلى كل
عشاق الأمل ..
لعلها ترسم في مستقبلهم آفاقاً جديدة .. تنشر النور من جديد !
هـذا هو القلم في فردوسه العجيب ..
إن فرح ، أسعد الناس ببسمات الحروف ..
وإن زاره الحزن يوماً ، ترك بصمة في قلبها عبرة !
وإن حلّق في أجواء الكون .. فلن ينسى أن يزور الحكمة في مدينتها
ولن ينسى أن يرافق السموّ في أعلى سلّم المجد ..
إنه القلم ذو الفطرة المستقيمة السويّة ..
ولد في رحم فكرٍ ثرّ .. وترعرع في قلبٍ نابض بالخير .. وشبّ قوياّ
مليئاً بالحياة ..
إنه قلم ينظر إلى السماء ليبني فيها أحلامه.. أهدافه .. رفعة الأمة ..
فغايته بناء النفوس .. وجلّ أمنياته إسعاد الأرواح المتعبة..
لله درّه من قلم ..
أسكن نفسه في فردوس الدنيا .. ونظر إلى فردوس الآخرة بعين
ملأى بالأمل..
فمن منا يعين قلمه كي يصل إلى ذاك السبيل ؟
ومن منّا يرسم عبره خطوط الضياء ؟..
فتبوح الفردوس بما تحوي ..
ويأتلق الفكر بمن يحمل .