التفصيل التأريخي لأحداث الرسل والأنبياء.
لقد أحتوى القرآن على تفصيل تأريخي للأنبياء والمرسلين السابقين وهو التاريخ الذي لم يكن يعرف العرب عنه شيئاً سوى الأحبار والرهبان، وكانوا على خلاف فيما بينهم، أما أمة العرب فقد كانوا أميين لايعلمون شيئا عنه، فلما جاءهم النبي محمد بتاريخ الرسل والأنبياء مفصلاً، أعترف به الرهبان والأحبار وصدقوه فيما روى عن ربهِ واضحاً جلياً، وخرجوا من دين كانوا علماءه وتبعوا محمداً.
((تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ))، سورة هود آية 49.
الكشف عما يدور في صدور الناس وخاصة المنافقين.
وحصل هذا في عدة مناسبات في عهد النبي محمد، ومنها حيث كان اليهود يبشرون بظهور نبي قرب زمانه يخرج من بلاد العرب، وكانوا يتهددون العرب بأتهم سيتبعونه ويقتلونهم معه قتل عاد وإرم. فلما ظهر محمد، وأقام في المدينة كان العرب المؤمنون يلقون اليهود ويذكرونهم بما كانوا يقولون من بشارات فيعترفون ويعلنون إيمانهم ثم إذا خلا بعضهم ببعض أنكر بعضهم على بعض الأعتراف بما يعلمون من أمر النبي محمد، لأن ذلك سيجعل العرب شاهدين عليهم يوم القيامة وظنا منهم إن الحساب سيكون على الشهادة فقط. فاخبر القرآن حاكياً حالهم وكشف قولهم الذي قالوه سراً بينهم، فما كذبوا ما قاله ودخل منهم جماعة في الإسلام. ((وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)) سورة البقرة آية 76-77.
الأخبار عن غيوب ومسائل تكون في المستقبل القريب والبعيد.
كما أخبر القرآن عن أحداث ستكون في المستقبل وفي عهد النبي محمد، وبعده، فجاء مرور الأيام تفسيراً لما أنبأنا به ومن أمثلة هذا: الأخبار بأن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين أي أقل من عشر سنوات، بعد أن فرح الوثنيين الكفار في مكة بانتصار الفرس على الروم، وتأهبوا على كذب ما وعد الله في كتابه فما مرت السبع سنوات إلا وتحقق ما وعد الله: ((الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. ِفي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. ِفي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) سورة الروم الآيات 1-5. وقد عرف العصر الحديث أن منطقة البحر الميت هي أكثر الأراضي انخفاضًا في العالم : ((في أدنى الأرض وهم من بعد غلَبهم سيغلبون)) وقد جرت المعركة الأولى بين الفرس والروم في منطقة البحر الميت
الأخبار عن العلوم الحديثة وعن حقائق بشكل يلفت النظر لا شك فيه.
وهو الإعجاز العلمي الذي لايمكن أن نبينه سوى قولنا إنه إخبار سابق للمحدثات العلمية في عصرنا ومن ذلك قوله:
((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. َيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ)) سورة الرحمن آية 19-20. وقد اكتشف الباحثون [1] أن مياه البحار لا تمتزج مع بعضها البعض، بل لقد وجدوا أن مياه البحر الأبيض المتوسط لا تمتزج بمياه المحيط الأطلنطي عند جبل طارق. فهناك التقاء وبينهما حاجز، ((أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) سورة النمل آية 61. وللمزيد من هذه الأمثلة العلمية التي لا يسع المقام ذكرها هنا نرجو مراجعة كتاب توحيد الخالق للشيخ عبد المجيد الزنداني.