أنهي دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون استعداداته لاستقبال جثمان البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. ليواري الثري عليه مساء اليوم عقب الصلاة عليه بالكاتدرائية بالعباسية حيث تدق الكنائس اجراس الحزن.
من جانبه قرر المجمع المقدس قصر حضور مراسم الدفن بالدير علي الآباء والأساقفة وأبناء الدير لمنع التزاحم وسقوط ضحايا كتلك التي حدثت في الكاتدرائية
كما سيتم فتح باب الزيارة للجمهور بدءا من صباح غد.
كشف الأب صابرومون رئيس الدير أن البابا سيكون ثاني بطرك يدفن بالدير بعد البابا بنيامين "رقم 82" الذي دفن بالدير سنة 1339م وقال إن المجمع المقدس قرر منعا للتزاحم إغلاق الدير أمام الزائرين والاكتفاء بالمسئولين والقساوسة علي أن يفتح بدءا من غد الأربعاء لأخذ البركة وسيكون مزارا لكل الناس.
أضاف أن الجثمان سيصل بالمطار بميدان الرماية التابع لمطار البريجات ثم يحمل علي أكتاف الأباء الاساقفة والاباء ويستقبل بالالحان الجنائزية الحزينة ويطاف في كنيسة الدير ثم يواري جسمه الثري حيث يدفن بملابسة الكهانوتية الرسمية البيضاء الخاصة بالصلاة.
كشف الأب ويصا الشنودي أمين دير الأنبا بيشوي بسوهاج وأحد خريجي الدير أن المدفن يعتبر كما لو كان كنيسة مساحته 25 مترا مربعا مبني بالطوب الأثري ويحوي رسومات عن إليا وأبونا يعقوب. وكان هذا المكان معدا ليكون متحفا حديثا. مشيرا الي أن الوصية التي كتبها بالدفن هنا كتبها منذ شهرين وتركها في المقر البابوي في وجود الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ونيافة الانبا صرابامون ورفض أن يعلم أحدا بتك الوصية إلا بعد نياحتة. وهذه معجزة وبركة للدير ليكون متواجدا بالدير لكثرة حبه للأنبا بيشوي.
أوضح أن الصندوق الذي سيوضع به الجثمان مكتوب عليه اسمه وتاريخ الرسامة. وهو مصنوع من خشب الأبانوس. وسعره يساوي حوالي 50 ألف جنيه وأهداه إليه الأنبا برنابا أسقف روما. وعليه صورة محفورة للسيد المسيح.
طوارئ بصحة البحيرة
قال الأب ويصا إن كل رؤساء الكنائس الشقيقة وممثل البابا بولس بطرك أثيوبيا وبابا روما بطريك المسكونية بالقسطنطينة أو من ينوب عنه بالإضافة إلي رؤساء الكنائس السريانية والارمانية والمارونية الإنجيلية أعلنوا عن مشاركتهم لتشييع الجنازة.
من ناحية أخري أعلنت مديرية الصحة بالبحيرة حالة الطوارئ وتجهيز مستشفي وادي النطرون وتوفير 3 سيارات إسعاف بطواقمها أمام الدير لمواجهة أي حالة طارئة. كما انتهي مجلس مدينة وادي النطرون والقوات المسلحة من رصف وتمهيد الطريق المخصص عقب هبوط طائرتين خصصهما المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري لنقل الجثمان ومرافقيه. حيث تحط بميدان الرماية التابع لمطار البريجات. كما تم توفير سيارة إسعاف وأتوبيس مكيف لنقل مرافقي الجثمان إلي الدير. كما تم تخصيص طريق آخر من داخل شركة الكيماويات الحديثة لزائري الدير فقط من الجماهير حتي لا يدخلوا المدينة.
قال القمص أفرايم الانبا بيشوي إن البابا شنودة كان يحب الدير ويعتبر القديس الانبا بيشوي الذي رقد في 417ميلادية شفيعه الروحي. وأرجع الفضل للبابا شنودة في النهضة الروحية والزراعية التي شهدها الدير. فهو الذي بحكمتة اختار الانبا صرابامون أسقفا ورئيسا للدير سنة 1973. وكان بالدير 5 رهبان فقط فأصبح فيه ما يقترب من مائتي راهب.
أكد أن البابا شنودة هو صاحب النهضة الزراعية بالمنطقة وقد جادت عليه الصحراء بأسرارها فهو صاحب فكرة إنشاء الترع الزراعية من المياه الجوفية التي تم بها استصلاح مساحات واسعة من الأراضي. وحتي خبراء الإصلاح الزراعي كانوا يأتون للدير للاستفادة من خبرة الآباء في الزراعة كما يرجع له الفضل في قبول ورهبنة المئات من الآباء حاملي الشهادات العليا الذين يتمتعون بالروحية والخدمة في الكنيسة ومن بينهم تم اختيار كل الأساقفة الذي يقودون الكنيسة الآن.
هموم وآمال الشعب
أضاف أن البابا شنودة كان راهبا رغم أنة بطريريك فكان يقضي نصف الإسبوع بالدير يحمل قلب راهب محب للخلوه والصلاة مؤكدا ان الراهب الحقيقي هو الذي يختزل الوجود بين عابد ومعبود. وفي نفس الوقت يحمل هموم وآمال شعبه ويرفعها إلي الله ففي كل المشاكل التي واجهت الكنيسة كان يأتي الي الدير ليصلي ويطلب من الله اليد التي تدير الكون ليحل مشاكلنا.
أشار الأب افريم الي أنه في نفس الوقت حياة الخلوة والصلاة تعطي استنارة روحية للإنسان لكي يكتشف الحلول المناسبة والحكيمة ويقوم باتخاذها في مواجهة كل أحداث حياته. مشيرا الي انة منذ أن تم اختياره كان يأتي نصف الإسبوع في المقر البابوي بالدير. قلياته هو السماء يحب مكان تعبده.
يقول القمص ويصا الشنودي إن البابا شنودة الثالث كان يقيم في مغارة خارج الدير قضي بداخلها 8 سنوات بجوار المطار ويخدمة الأنبا صرابامون ويعشق حياة الخلوة والصلاه ولم يكن يسعي إلي منصب ولكن العناية الأليهة هي التي إختارتة ليكون بطريرك.
أوضح أنه كان كل همه هو كيف نعد أنفسنا للقاء الله وكيف أن الدنيا فانية وكيف نجاوب عن الدينونة ويجيب كل واحد ويجيب عن كل الإسئلة التي تطرح عليه متسائلا عن ما هي المنفعة التي يستفيد منها الإنسان علمنا معني الحياة الروحية ولا ننسي ان البابا كتب 140 كتابا كانت باكورتها ¢انطلاق الروح¢ وكتبه أثناء تواجده في الدير.
أوضح أن البابا سنة 81 عندما قضي 36شهرا أيام ما يسمي ¢العزل السياسي¢ بقرار الرئيس الأسبق السادات بمثابة رجوع الي الفردوس الذي كان يحبه قداسة البابا. وعندما أتي في 5 / 9 /1981 قال: رجعت إلي حياة الفردوس مرة أخري مؤكدا انة كان كلما أتي إلي الدير يقوم بتوزيع الهدايا المادية والعينية علي الرهبان ويلقي عليهم كلمية روحية. وكان باستمرار يتحدث عن حياة الراهب والهدف الذي سعي من أجله وكانت عظته روحية خاصة بالرهبان ومعاملة الراهب مع أخوتة والاخرين.
أضاف أنه عند حدوث أي أزمات كان يفد الدكتور مصطفي الفقي لمناقشة البابا والوصول إلي الحلول.
أشار أيضا الي أن الدكتور يحيي الجمل كانت له علاقة وثيقة بالبابا وكثيرا ما كان يأتي إليه فضلا عن محافظي البحيرة. وكل رؤساء الكنائس ومن بينهم بطريرك أثيوبيا بولس. والبابا البطريرك أليكسي الثاني بطريرك روسيا ومعظم السفراء.
ر وح الدعابة
وعن روح الدعابة عند البابا شنودة كشف الأب ويصا أن أول موقف له أثناء تعريفة لعمل الرهبان داخل الدير لعدد من مرافقيه. وكنت وقتها أعمل في المخبز وسألني سيدنا عن عمل المطحنة. فقلت له بنطحن فيها الفول ونطحن بصارة فقال لي¢ جدع لأن عندك بصارة يقصد البصارة الروحية¢.
ومرة أخري قال لي عارف يا أبونا النار بتعمل إية فقال النار ¢ كتامة الأسرار¢ فما تحرقه النار ويدخل فيها لا يظهر لة أثر ¢ وعندما يدخل الي المخبز كان يوزع عليهم هدايا عينية ومادية وعندما قال له أحد الأشخاص يا سيدنا أنت قاموس . فأجابه البابا بس فين العجول اللي تفهم.
أضاف أن البابا شنودة عندما التقي الرئيس جيمي كارتر في البيت الابيض فسألة هل اليهود هم شعب الله المختار فأجابة قداسة البابا متسائلا ¢ إذا كان اليهود هم شعب الله المختار فأنا وأنت من نكون؟
أكد الاب أنه كان له موقف مشرف مع القضية الفلسطينية وكان يحرص ياسر عرفات علي زيارته للتشاور. وأضاف أن البابا كان يتعامل معنا كراهب عادي . لا يمسك العمه أو عصاته داخل الدير ولكن يعاملنا كأخواته وأبنائة ويرشدنا في كيفية التعامل مع كل الناس.
أكد أن نبأ وفاة البابا نزل علينا كالصاعقة هو غالي عند ربنا لكن المشكلة فينا إحنا في الأيام الأخيرة كان يعد لهذا المكان فرحة للدير كبيرة جدا سيكون ونشعر أن البابا لم يتنيح ويظل معنا.
اللوحة الرخامية
من ناحية أخري انتهي الدير من اللمسات الاخيرة للوحة الرخامية التي ستوضع علي المدفن والتي اهداها بابا كنيسة مارمرينا الساحل الشمالي ومريوط اللوحة الرخامية لمقبرة البابا شنودة وقد دون عليها
¢صاحب القداسة الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية معلم الأجيال وراعي الرعاة وقديس عصرنا. ارتقي كرسي مارمرقس الرسول في 4 هاتور 1688 للشهداء الموافق 14 نوفمبر 71ميلادية. استراح في الرب يوم السبت 8 برمهات 7228 الشهداء الموافق17 مارس2012- ويرقد حسب وصيته في هذا المكان¢.