توفي المستنصر في ديسمبر من سنة 1242م، وتلاه ابنه المستعصم بالله آخر العباسيين في بغداد؛ والذي شهدت خلافته نهاية محطات مهمة في تاريخ الخلافة العباسية؛ منها فشل الحملة الصليبية السابعة والثامنة وهما آخر الحملات الصليبية مما عجل في نهاية تلك الحقبة، وعمومًا فإنه باستثناء الحملة الصليبية الأولى والثالثة والرابعة التي توجهت إلى القسطنطينية لم تحقق أي حملة صليبية نصرًا هامًا وطويل الأمد في المناطق التي استولت عليها. وفي أعقاب الحملة الصليبية الثامنة، كانت أملاك الصليبيين الأساسية في المشرق تقتصر على أنطاكية وطرابلس وعكا كجزر متناثرة وغير متصلة جغرافيًا. كذلك فقد شهدت خلافته نهاية السلطنة الأيوبية عام 1250م بعد وفاة الملك الصالح أيوب واستلام شجرة الدر السلطنة مكانه ثمانين يومًا ليقوم جند زوجها بخلعها والسيطرة على الحكم بانقلاب سلمي. انتخب إثره عز الدين أيبك سلطانًا
أما الحدث الثالث، فتمثل بسقوط بغداد حاضرة الخلافة على يد المغول بقيادة هولاكو خان التتري، حيث سار هولاكو على رأس جيش ضخم بأمر من إمبراطور المغول منكو خان الذي أمر ان يخرج معه كل ذكر قادر على حمل السلاح في الإمبراطورية، ثم انضم للجيش قبائل أرمنية وجورجية وتركية وفارسية.[55][56] ويرى المؤرخ آلان دمورجيه أن الجيش الصليبي المرابط في أنطاكية وطرابلس كان أيضًا من المشاركين في الهجوم.[57]
طالب هولاكو الخليفة المستعصم بالله بالاستسلام، ولكن الخليفة رفض محذرًا المغول من العقاب الألهي الذي سيحلّ بهم في حال هاجموا الخلافة؛ يشير الكثير من المؤرخين بأن أحد أسباب نجاح الهجوم المغولي هو حالة الجيش العباسي الضعيفة وتسريح عدد كبير من جنده لتقليص النفقات خلال تولي ابن العلقمي شؤون الوزارة، فضلاً عن ضعف استحكامات المدينة وعدم تقوية أسوارها؛ يقول ديفيد نيكول بأن الخليفة بالإضافة لفشله بتجهيز آلية الدفاع عن المدينة بشكل جيد، فقد أساء كثيرًا لهولاكو بتهديده إياه، إضافة إلى وثوقه المبالغ فيه لوزيره ابن العلقمي، ما ساهم على تدمير المدينة والخلافة، مع أن مونكو خان أمر أخاه هولاكو بالمحافظة على الخلافة إن وافق الخليفة الخضوع لسلطة المغول.[58]
قبل التوجه إلى بغداد، دمر هولاكو قبائل اللور ومن ثم حصّل استسلام الإسماعيليين والمعروفين أيضًا باسم الحشاشين بعد أن حاصر حاضرتهم قلعة ألموت في شمال إيران على شواطئ بحر قزوين، ورغم ذلك فقد قتل هولاكو الكثير منهم باستثناء نصير الدين الطوسي وأتباعه والذين لحقوا بجيش هولاكو المتوجه لمحاصرة بغداد منذ عام 1256م. قسم هولاكو جيشه إلى قسمين، وضرب حصارًا حول بغداد بدءًا من يوم 29 يناير سنة 1258م؛ دمر المغول السدود وقنوات الري ما ساهم في تدمير الزراعة وإفاضة المياه داخل المدينة، ثم إن قصف المقالع والمناجيق سهلت سقوط استحكامات العباسيين الواحدة تلو الأخرى حتى أحاط المغول بالمدينة من كل جانب يوم 5 فبراير 1258م / 30 محرم 656هـ؛ حاول المستعصم أن يفاوض المحاصرين لكن هولاكو رفض، واقتحم بغداد يوم 10 فبراير 1258 م / 4 صفر 656هـ، مرتكبين مذابحًا بحق أبنائها، وبحسب بعض المصادر بلغ عدد القتلى من الجند والمدنيين مليوني شخص بل حتى من حاول من الأهالي الفرار عمد المعول إلى قتله،[59] ويذكر أن هولاكو أمر بنقل مقر المخيم بسبب روائح الموت المنبعثة؛ كما بدؤوا عمليات سلب ونهب ثم إحراق، فتلفت المكتبات وما تحويها وقيل أن مياه نهر دجلة تحولت إلى اللون الأسود لكثرة ما رمي فيها من أوراق محترقة،[60] وكذلك حال المساجد والقصور والجامعات.[61] أما الخليفة فقد أمر هولاكو بحبسه ثم منع عنه الطعام والشراب حتى مات في 20 فبراير 1258م، لتزول بذلك الخلافة العباسية في بغداد.[62]